عقدت لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة جلسة يوم الاربعاء 8 ماي 2024 خصّصتها للاستماع إلى لطفي ذياب وزير التشغيل والتكوين المهني، ورياض شوّد كاتب الدولة المكلف بالشركات الأهلية، وذلك في إطار متابعتها لواقع القطاع وتقييم مدى ملاءمة عناصر التشغيل للسياسات العمومية القطاعية.
وفي مستهل الجلسة، أكّد رئيس اللجنة أهمية حوكمة قطاع التعليم في بعده التشاركي بين وزارات التربية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، في إطار موازنة تستجيب للحاجيات الوطنية والانفتاح على المحيط الدولي. وأشار إلى تحيين اختصاصات التكوين في علاقته بمهن الغد التي تقتضي الأخذ بعين الاعتبار الذكاء الاصطناعي ومختلف المجالات التكنولوجية . كما شدّد على ضرورة تذليل الصعوبات والتعقيدات الإدارية.
وقدّم وزير التشغيل والتكوين المهني عرضا عن واقع قطاع التشغيل والإشكاليات المتعلّقة به. وذكّر بأنّ التشغيل والتكوين المهني من المكونات الأساسية للمنظومة الوطنية لتنمية الرأس المال البشري، حيث تساهم الوزارة في الاستجابة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية جهويا ووطنيا وإقليميا ودوليا. وبين أنّ نسبة البطالة وصلت إلى 16.4 بالمائة خلال الثلاثي الرابع من سنة 2024 مستعرضا بعض أسبابها.
كما تطرق إلى الانطلاق في أشغال تحيين الاستراتيجية الوطنية للتشغيل قصد ملاءمتها مع رؤية تونس في أفق سنة 2035 ومع برنامج الاصلاح الاقتصادي. وأكّد أنه تم الانطلاق في الأشغال المتعلّقة بتنفيذ المخططات العملية للتشغيل في ولايات سيدي بوزيد والقيروان وصفاقس وسوسة وتونس في مرحلة أولى خلال سنة 2024.
وبيّن من جهة أخرى أن بلورة برنامج وطني للمرافقة يعدّ مقاربة جديدة باعتباره يهدف إلى الملاءمة بين العرض والطلب وتدعيم القدرة التشغيلية لطالب الشغل من أجل بناء مشروع مهني، كما يقدّم خدمات مشخّصة في مرحلة تحديد وبناء المشروع المهني للباحث عن شغل والطالب والتلميذ بما يتلاءم مع رغباته وإمكانياته وطاقاته، ومع حاجيات الاقتصاد ومتطلّبات سوق الشغل.
وتطرّق الوزير إلى موضوع الحدّ من الهجرة غير الشرعية ودعم هجرة العمل المنظمة . واشار الى ما تم انجازه في هذا المجال في إطار تفعيل اتفاقيات التعاون في مجال الهجرة المنظمة مع كل من الجانب الفرنسي والايطالي والسويسري ولاسيما من حيث توفير فرص الشغل والتوظيف.
وبيّن في هذا الصدد أنه تم توظيف 2198 شابا، بسوق الشغل الفرنسية دون اعتبار الذين تم توظيفهم في إطار آلية جواز كفاءات . كمّا تم توقيع البروتوكول التنفيذي لمذكرة التفاهم بين تونس وإيطاليا للتعاون في مجال التصرف في تدفقات الهجرة والتي تهدف أساسا إلى تلبية حاجيات المؤسسات الإيطالية عن طريق انتداب عمال أجراء غير موسميين من الجنسية التونسية بحصة تقدر بـ 4000 عامل سنويا في العديد من القطاعات. اما في مجال التعاون التونسي السويسري فقد تم إمضاء اتفاقية تعاون بين وزارة التشغيل والتكوين المهني والسفارة السويسرية بتاريخ 19 جانفي 2024 لتنفيذ مكونات برنامج 2024 الذي يهدف إلى توظيف 200 شاب تونسي بسويسرا في إطار الاتفاق الخاص بالشبان المهنيين ومساعدة ما لا يقل عن 30 من الكفاءات التونسية بالخارج على إحداث مشاريع بتونس وتحسين حوكمة الهجرة .
وبين انه في إطار حوكمة التوظيف بالخارج تم إعداد كراس شروط لوضع منصة رقمية تهم المؤسسات الخاصة للتوظيف بالخارج، وإعداد مشروع القانون المتعلق بتنظيم ممارسة المؤسسات الخاصة لنشاط التوظيف بالخارج والنصوص التطبيقية الذي سيمكّن من حماية طالبي الشغل من عمليات التحيل والابتزاز وتفادي نقائص الإطار القانوني الحالي وضمان الانتداب العادل وتحسين ترتيب تونس على المستوى الدولي في مجال مكافحة الإتجار بالأشخاص.
كما تطرق الوزير الى المساعي الرامية الى تطوير خدمات المرافقة لباعثي المشاريع والمؤسسات. وبيّن انه تم الانطلاق في تفعيل آلية المساعدة الفنية لباعثي المؤسسات الصغرى بعد الانطلاق الفعلي في النشاط وذلك بهدف إثراء وتعزيز خدمات المرافقة المشخصة التي تقدمها مصالح التشغيل لفائدة باعتي المشاريع والمؤسسات الصغرى. كما اشار الى مراجعة الأمر المنظم لبرامج الصندوق الوطني للتشغيل وفتح إمكانية التكفل بكلفة المساعدة الفنية لباعثي المؤسسات الصغرى ومؤسسات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني والشركات الأهلية الناشطة لأكثر من ثلاثة سنوات والتي ترغب في توسعة نشاطها، أو التي تلاقي صعوبات أو في طور إعادة الهيكلة. وابرز من جهة اخرى تطوير منصة المرافقة « بادر » التي تعمل على إرساء نظام تشبيك رقمي بين الهياكل العمومية المتدخّلة في مجال مرافقة باعثي المشاريع الصغرى والاحاطة بهم.
ومن جهته أبرز كاتب الدولة المكلف بالشركات الأهلية، أن إحداث الشركات الأهلية هو خيار يقطع مع منوال تنموي أثبت محدوديته، ويقوم أساسا على مبادرات محلية وجهوية في إطار إرساء الاقتصاد الاجتماعي التضامني. وأضاف أن المنوال التنموي الجديد يرتكز على ثنائية الجدوى الاقتصادية والمنفعة الاجتماعية، وخاصة على قيم التضامن والتعاون والتشجيع على التنمية المستدامة.
وأفاد كاتب الدولة من جهة اخرى أن مجموع الشركات الأهلية المحدثة حتى تاريخ 7 ماي 2024 بلغ 62 شركة من بينها 14 شركة جهوية و48 شركة محلية. واعتبر أن هذا الإحداث هو مكسب وطني وردّ اعتبار للمواطن التونسي. واشار في ذات الإطار إلى عدد من الإشكاليات المتعلقة بالتمويل من جهة والإطار القانوني المنظم لهذه الشركات من جهة أخرى. وبين انه تم إعداد عقد أهداف لتفعيل المنحة التضامنية المقدرة ب20 ألف دينار ومراجعة الأمر المتعلق ببرامج التشغيل والترفيع في سقف التمويل من 300ألف د إلى 1 م د، وامضاء اتفاقية التمويل مع البنك التونسي للتضامن، وضبط قائمة المؤسسات البنكية الراغبة في تمويل الشركات الأهلية بالتنسيق مع المجلس البنكي والمالي. واضاف انه تم القيام بعديد الجلسات مع البنك التونسي للتضامن بهدف مراجعة النظام الأساسي للبنك حتى يتمكّن من تمويل جزء من مكونات الاستثمارات طويلة المدى وذلك في إطار أسقف تدخلاته وقد تمت الموافقة على هذا المقترح.
كما بين انه نظرا لطول مراجعة الأطر التشريعية المتعلقة بالعقارات الدولية الفلاحية ومجلة أملاك الدولة ومجلة الغابات، وقع اقتراح اعتبار الشركات الأهلية من بين الهياكل التي يكتسي نشاطها صبغة المصلحة العامة لتنسحب عليها أحكام الفصل 14 من القانون عدد 21 لسنة 1995 المؤرخ في 13 فيفري 1995 لتمكين الشركات بالانتفاع بهذه العقارات بأمر أو في إطار عقود إسداء خدمات.
وفي تفاعلهم مع ما تمّ تقديمه من معطيات لاحظ النواب نقص الإختصاصات والتجهيزات بعدّة مراكز تكوين مهني خاصة بالمناطق الداخلية، وعدم استجابة اختصاصات أخرى لحاجيات سوق الشغل بما يستدعي مراجعة خارطة التكوين المهني بالشراكة مع المؤسسات المعنية وكافة المتدخلين، وذلك لضبط الحاجيات الحقيقية للمؤسسات المشغلة وللحاجيات الوطنية على المدى المتوسط والطويل.
وتم التطرق كذلك الى اندثار الصناعات الثقيلة والتحويلية والصناعات ذات العلاقة بالحبوب والألبان والتوجّه نحو صناعات تكنولوجية بما يضر بالأمن القومي الغذائي .
وحذّر النواب من مخاطر غياب رقابة جدّية على مؤسسات التكوين المهني العامة والخاصة، إضافة الى غلق عدد من مؤسسات التكوين في المناطق الداخلية والتراجع المستمر لعدد المكونين. ودعوا إلى تشبيك العلاقات بين وزارات التربية والتعليم العالي والتشغيل والتكوين المهني والصحة والفلاحة لضبط برامج التكوين والاختصاصات. كما تمت الدعوة إلى التوجّه لوضع آليات هجرة نظامية وآمنة.
وأشار المتدخّلون إلى ارتفاع نسبة البطالة في الفئة العمرية بين 15 و 24 سنة، مشددين على ضرورة معالجة أسباب لجوء الشباب إلى قوارب الموت. كما تم التطرق إلى معضلة تواصل بطالة من تجاوز سن الأربعين، وانسداد آفاق التشغيل لديهم .
وثمّن النواب إحداث منصة رقمية لتنظيم المعطيات الشخصية لطالبي الشغل، مشيرين في المقابل الى عدم تسجيل جميع العاطلين عن العمل في مكاتب التشغيل والعمل المستقل. كما دعا عدد من أعضاء اللجنة إلى التصدّي لمكاتب التشغيل الوهمية والتحيل على الشباب في الخارج من طرف مكاتب تقوم بعديد التجاوزات.
وعبر المتدخلون عن خشيتهم من تواصل نزيف هجرة الكفاءات واعتبروه إهدارا للإمكانيات التنموية. كما تطرقوا إلى مجموعة من المشاغل الجهوية تمحورت حول توفير التجهيزات الضرورية بمراكز التكوين والمكونين الاكفاء وتنويع الاختصاصات بخلق اختصاصات جديدة تقرب المتكون من جهته، إضافة إلى تشكيات بعض المراكز من سوء التصرف الإداري والمالية.
وأثيرت عديد التساؤلات حول المشاريع المعطلة بعدد من الجهات ومدى ايفاء الوزارة بتعهداتها بإعادة جدولة ديون الباعثين الشبّان للمشاريع وتيسير الوصول إلى خطوط التمويل بالنسبة للشركات الصغرى والمتوسطة والمعايير المعتمدة لإعطاء الأولوية في تمتيع ولايات دون أخرى ببرامج التمويل الأجنبي.
وتقدم النواب بعديد المقترحات تناولت بالخصوص توحيد باب الإنتداب عبر مكاتب التشغيل والعمل المستقل، واستيعاب حاملي شهادة الدكتوراه كمكونين، وتكثيف الحملات التحسيسية والتوعوية للتعريف ببرامج الوزارة.
كما شملت المقترحات توظيف شبكات التواصل الاجتماعي للتعريف بالشركات الأهلية، و إسناد منحة للمتكونين للإقامة كمعالجة وقتية لإشكال نقص المبيتات، إضافة الى التقليص في مدة التكوين وترشيده، واتخاذ إجراءات ردعية ضد مراكز التكوين المخالفة للقوانين.
وفي رده على تساؤلات النواب أكد وزير التشغيل والتكوين المهني أن الوزارة بصدد إعداد مشروع قانون يهدف الى التصدي للمكاتب العشوائية للتوظيف بالخارج. وافاد بخصوص التكوين في الإختصاصات شبه الطبية ان الوزارة ستتخذ اجراءات ردعية ضد كل المؤسسات المخالفة للقوانين والتراتيب الجاري بها العمل كما ستواصل العمل على إعادة النظر في الإختصاصات الموجودة بمراكز التكوين المهني.
واشار الى أن الوزارة بصدد إعداد مقترح حول وضعية من طالت بطالتهم وتجاوزوا سن الأربعين ، مؤكّدا أن الشركات الأهلية هي حل لخلق الثروة ولتكريس الاقتصاد التضامني والإجتماعي، ومشيرا الى أن الحكومة لم تدخر جهدا لتشجيع المستثمرين وتوفير تسهيلات تعزّز مناخ الإستثمار .